الحب في زمن الفوضى

أشبه بقصص الغرام المستحيلة ، التي قرأنها وشاهدناها دراميا ، كحب الأمير للخادمة ، ووله بنت الثري للفلاح . بالرغم أنها لم تكن كذلك تماما ولكنه الحب ، والحب عندما يدق القلوب ، فهو لا ينتظر الأذن ، فيقتحمها مباشرة ويتوسدها ، ويعذبها ويمتعها ويؤرقها ، ولا يخرج مطلقا وأن خرج ، يترك اثار دامية لا تندمل أبدا..

كنت حينها أعمل سائق لعربة نصف نقل ، أنقل بها الأشخاص والبضائع وكل ما أجده أمامي ، بغية توفير مبلغ من المال أعول به والدتي وأخوتي الصغار .. فلقد قطعت دراستي الجامعية ، وأنا في سنتي الثانية .. فلقد توفى والدي وارتاح من الفقر الذي قسم ظهره ، وأتعبه..

لم يكن هنالك شيئ .. لا منزل لا حقل .. لا عمل .. لا شيئ

خرجت من الجامعة وأستطعت بمعاش والدي أن أحصل على رخصة قيادة .. وعملت سائقا لاصحاب ناقلات صغيرة عديدة... ولم أكن أشعر بأني ضحيت بدراستي الجامعية .. فلقد تعثرت مرة ومرتان في دراستي ...وحمدت الله بأني تركتها من دون رجعة .. هذا كان في بادئ الأمر .. قبل أن يجتاحني الحنين لها بعد عدة سنوات ، وأنا أعمل على ترحيل مجموعة من الطالبات.

كانت حافلتي الصغيرة ، لا تتسع لأكثر من سبعة أشخاص ، وكانت عدد الفتيات ست ، يجلسن جميعهن في المقاعد الخلفية ، بينما يظل المقعد الأمامي ، خالي ، أحيانا توضع فيه أغراض تخصهن.

وكان هذا الوضع يريحني . لأنني أكون ممتعضا من تصرفاتهن ، طيلة فترة ترحيلي لهن .. ولولا المبلغ المعتبر الذي، أتقاضاه وحاجتي له ، في توفير إيجار ومنصرفات لباقي أسرتي ،، لما كنت قد قبلت بالاستمرار بهذه المهمة .

فلقد كن معظمهن يفتقدن للحياء ، خاصة تلك الطالبة المزعجة التي تدعى (سحر) ، فلقد كانت لا تتواني عن مشاغلة الشباب ، والضحك معهن أثناء سيري بالحافلة. وبقية صديقاتها يجدن في ذلك تسلية ومتعة وضحك.

أحيانا كثيرة ، كنت أشعر برغبة جامحة في وقف العربة ، وتوجيه صفعة لها .. وأعتزم تركهن في مكانهن من دون رجعة.

هذا غير ، المكالمات الهاتفية التافهة ، التي تحشر تفاصيلها في أذني قسرا ، فتحيل مزاجي إلى جحيم لا يطاق..

ولا يكتفين بذلك ، فيطلبن مني في بعض المرات ،، أن أتوقف في مكان ما .. حتى يتبادلن الهدايا مع شبان ، في مناسبات وأعياد الحب السخيفة تلك.

نواصل ...

إن أعجبتكم .

وأن لم تعجبكم ، سأحاول في الجزء الثاني

لن أترككم أبدا

كانت الفتيات يدرسن ، في كلية واحدة ، ولكن بأقسام مختلفة ،، لذلك كانت هنالك أيام يتعين علي فيها ، أن أرحل بعضهن دون الأخريات. ولكن كان هنالك يوم ، أرحل فيه سحر وأمل لوحدهما.

وفي مثل هذا اليوم ، إحتد النقاش بيني وبين سحر لأول مرة .. فلقد كنت صبورا ، وصامتا .. ولكنها لم يعجبها ، منعي لبعض زملائها من الركوب معي ..

فلقد طلبت مني أن أعرج قليلا ، من دون أن تعلمني بسبب ذلك ، وعندما أوقفت الحافلة في المكان الذي أشارت لي به. أخرجت هاتفها النقال وأجرت مكالمة .. خرج على أثرها شاب من أحد المنازل .. وتوجه ناحيتنا . فتح باب الحافلة ودلف لداخلها مع عبارات تحاياه الصباحية ، وسط تجاهل تام لي.

لا أنكر إني قد تضايقت تماما .. ولكني لم أظهر ، ذلك ..وأتجهت نحو الجامعة ..ولكني تفاجأت عندما طلب مني الشاب بكل عنجهية، أن أتجه يمينا وأن أقف في مكان ما..ودون أن ينتظر مني تجاوب . أخرج هاتفه النقال وأتصل بصديق له ، بغية مقابلتنا في المكان الذي حدده لي.

وقفت في المكان المشار ، لأجد شابا جامعيا لامع الرأس ،يحمل حقيبة ضخمة ، يهم بدخول الحافلة..

عندها وجدت نفسي ، أطلب من الشاب أن يغادر الحافلة هو وصديقه ،، وسط أحتجاجات سحر وأمل.

وعندما وجدت الدهشة قد ألجمت الشابان ، تركت عجلة القيادة ، ونزلت فاتحا باب الحافلة ، طالبا بحزم وبهدوء مغادرة العربة فورا.

هاجت سحر كثيرا ، وأنا أتلمس طريقي وسط الزحام نحو الجامعة .. كانت أمل تشاركها في لومي .. ولكن كانت سحر تقول عبارات كثيرة ، مثل أنت مؤجر ، تفعل وتسير في الاتجاه الذي نحدده لك .. وليس لك شأن سوى قبض أجرتك نهاية الشهر ..

ولم تتمهل ، في إلغاء العمل المشترك ، بيننا ، وبأن اليوم هو أخر يوم لي في العمل لديهن .. مع بضع الصفات التي وصفتني بها بحدة ، مثل .. غريب .. عجيب .. عدم تعامل ... تدخل في لا يعنيك .. وغيرها من الاشياء ..التي سمعتها منها ومن أمل .. دون أن أقاطعهما ..

وعندما أوصلتهما ، إلى الجامعة .. خرجتا و أوصدتا الباب بحدة ، ونرفزة ... قلت لهما وأنا أهم بالتحرك

أعلم تماما ، بأنكن لستن في حاجة ليي ،، فبإستطاعة أهاليكم أن يقوموا بترحيلكن بسياراتهم.. وصحيح أنني في حاجة إلى المال ، الذي أتقاضاه منكن. ولكن هذا لا يستخدم ضدي في الإذعان لكل ما تريدانه، كما أني لا أستطيع أن اقوم بهذا العمل ، الأمر الذي يجب ، أن تعلمانه ، بأني لست في حاجة ، إلى العمل مع فتيات، لا يتمتعن بالحياء.

ردت علي أمل بحزم :

- قف هنا .. ولا تتمادى ، من أنت حتى تهيننا؟!

- ليس من شيمي إهانة الناس ، وخاصة النساء .. واعتذر أن شعرت بأني قد مسستك بسوء .. وداعا.

- قف !

- ماذا تريدين؟

- كم لك من المال لدينا؟ يجب أن ننه المسألة الآن.

- ألف وخمسمائة جنيه.

- هذا كثير .. لا أملكه الآن .. هل بحوزتك يا أمل هذا المبلغ..

- لا .. ولكن يمكنك أن تاتي في نهاية اليوم ، وتصطحبنا إلى منازلنا ، وهنالك سنتم دفع المبلغ ..

- حسنا وهو ،، كذلك .. عد لنا نهاية اليوم .. ولا تتأخر ، حتى نوفيك أجرك.

- وداعا

..........................................

وقفت بباب منزل سحر ، فلقد كانت أول من أصحبها وأخر من أدعها .. تركتني ودخلت إلى منزلهم الكبير ، بعد أن طلبت مني أن أنتظر ..

لم يطل إنتظاري كثيرا ، فلقد خرج شقيقها ،، ودعاني للدخول ،، تمنعت وطلبت منه .. يعطيني أجري ، فأنا في عجلة من أمري ..

ولكني في نهاية المطاف دخلت معه إلى داخل المنزل ، بعد أن أعلمني بأن والده سيتأخر قليلا ،، ويجب أنتظاره ، لأنه من سيقوم بتسوية الأمر.

.............

كانت حديقة منزل سحر ، كبيرة ورائعة ،، مقاعد الخيزران ، تتوسط عريشة ظليلة ،مغطية بالنباتات المتسلقة.. جلست مع شقيق سحر تحتها ، وظللنا نتجاذب أطراف الحديث .

لم يفت علي ، محاولته في معرفة ما دار بيننا ، حتى تطلب أخته أنهاء العمل ،، فلقد شعرت بغضبها وتبرمها ، في عبارات أخيها .. ولكن لم أمكنه من معرفة ، ذلك ..

وعندما قدمت سحر ، ومن خلفها الخادمة تحمل أواني العصير والماء. طلب منها أخيها الجلوس بصورة أمرة ، وسألها بحدة ، ما الذي حدث؟

بدأ الإضطراب ، يلف سحر قليلا ، وهي تهم بالجلوس .. لم أكن أتوقع هذه الفتاة الجريئة ، والمزعجة ، يمكن أن تتردد بالحديث ولو لحظة ، ولكن هذا ماحدث ، فقالت بنبرة مرتبكة :

- لم يحدث شيئ ،، ولكنه يزعجنا بعدم إطاعة أوامرنا..

رد أخوها بإستفهام ، محاولا إضفاء نوع من الهدوء قائلا

- أي أوامر تلك .. اليست الجامعة معروف مكانها وكذلك بيوتكن..؟

- أحيانا ،، نحب ، نتناول بعض الأطعمة ، أو المثلجات ، شراء بعض الاحتياجات ، فنطلب منه التوقف هنا وهناك ،، ويبدوا أنه هذا الأمر يزعجه.

توجه أخوها نحوي مستفسرا ... فقلت له

- الحقيقة .. أنني أعمل على ترحيلهن ، ومن ثم أعود للعمل في الطرقات ، بغية توفير منصرفات المنزل والوقود لليوم التالي ، حيث أنت تعلم ،، بأني أتناول أجري شهريا .. وأي تأخير لي يجعل توفير مال لتلك المنصرفات ، أمرا صعبا.

- نعم ، هذا أمر منطقي .. إذن ما الحل في نظرك.

- أن يذهب كل منا في حال سبيله.

- وأنتي يا سحر ،، لماذا تعملان على تأخيره .. الا توجد بالجامعة تلك الأشياء التي ذكرتيها.

- نعم توجد ،، ولكن أحيانا نريد شراء من الخارج .. هل يجب علينا أن نكون مقيدات تماما ،، بأوقات محددة .. هذا أمر مزعج حقا.

- حسنا .. لقد علمت بأنك تريد ألف وخمسمائة جنيه.. هذا عن كل الطالبات.

- نعم.

- حسنا ،، عندما يعود والدي سنوفيك أياها كاملة .. ومن ثم سنتدبر أمر صاحب عربة أخرى.

- هذا جيد.

قلت ذلك ، في الوقت الذي قدم فيها والدها .. فنظر لنا نظرة غريبة .. قبل أن يلقي السلام

الثواني القليلة ، التي دخل فيها والدها علينا من باب المنزل حتى مكان جلوسنا ، كانت كافية بالنسبة ، لي حتى أدرك بأنه رجل لا يخلو من مسئولية كبيرة ، أو مديرا كبيرا لأحدى المؤسسات الرفيعة . فهندام سائقه الخاص الذي جلب حقيبته الأنيقة ، ووضعها في مكان ما ، داخل المنزل ، ثم عاد بكل خطوات مدروسة أدراجه. كنت تعطى هذا الانطباع ..ناهيك عن أناقته المفرطة ، وقسماته الحادة .. التي لم تمنع مشاعر الحب التي سكبها على أبنته لحظة دخوله وهو يحيها هي وأخوها .. وخطر لي برغم تمتعه بالقسوة ،، فهو المسئول من فساد إبنته بدلاله لها.

ولكني رجحت بأنه مدير عام ، لأنه لم يكن من النوع الذي يستمع كثيرا ، بل كان من النوع الذي يصدر قرارات سريعا.. كل هذا حدث سريعا ، في ذهني.. وعضدتها ، عباراته العجلى ، دون أن يمكن أبنه يتم شرح المعضلة .. فتوصل إلى قرار سريع بأن اواصل عملي ويتكفل هو بزيادة أجري .. حتى ينتهي من أمر الوقود والمصاريف.

وعندما رفضت ذلك ، قال بصورة أمرة :

- قل كم تريد من المبلغ الإضافي ؟

- لا أريد مبلغا .. إضافيا .. اريد فقط أجري ..

- ما الذي حدث بالضبط ؟!

- لا شيئ .. فقط أريد الغاء هذه المهمة.

نظر والد سحر إلى أبنته ، بنظرات لا تخلوا من ضيق وقال بصوت رهيب:

- أريد أن أعرف ما الذي حدث تحديدا .. ما الذي يجعلكما مصران على أنهاء الأمر هكذا؟

توترت سحر .. ولمحت خوف في عينيها .. وتلعثمت .. ثم نظرت لي بشيئ من الرهبة وبدأت تتحدث .. ولكني وجدت نفسي أقول بصورة سريعة:

- ليس هنالك شيئ البتة .. فلقد شعرت بالضيق ،، وأنا أحمل كؤوس المثلجات لها ولصديقاتها .. بعد أن أمرتني بذلك .. فأنا سائق ولست خادم لهن .. ولقد تكررت هذه الممارسات منهن .. وشعرت بالضيق .. لذلك لا أحب أن أعمل معكم.

- ها ... هل هذا كل الأمر ... حسنا .. لم يقمن بشيئ من هذا القبيل مطلقا بعد اليوم .. وعد إلى عملك وسأقوم بإضافة أجرك ... ولكن أسمعني ..ليس هنالك شيئ مسيئ لك .. فهي كأختك .. أو تحب أن تنزل هي وتبتاع وتشتري من الأسواق .. وأنت جالس على مقعدك .. لا أظنك تقبل بذلك ... ثم اني لم أتوقعك كذلك ، فلقد عييت في البحث عن شخص مثلك .. ولا أحب أن أفقدك .. فقط.. أطرد تلك الأوهام من رأسك ... فأنا أتأمنك عليها .. ولست أطلب منك خدمتها..

هل أتفقنا ؟

الجميل ود علي
تحيه طيبه
لا أخفيك أني متابعة لنصك منذ البدايه
و مستمتعة أيما إستمتاع بالسير عبر حروفك أيما كانت
النهايه
كثيره هي القصص التي تستحق أن تروى عن أشخاص عاديين
أناس بغير ملامح تطبع على الذاكره نلتقيهم يوميا
فيمرون بدون أثر ، و الكاتب الحق هو من يدقق ليرى
و يروي، أحيانا يفرط الواحد منا في حق نفسه بأحكام متسرعه
نطلقها لمجرد كلمه أو رأي لم يعجبنا ، أحكامنا هذه نظلم بها
أناسا لم نعرفهم جيدا ولم نعرف ما يحيط بهم فتضيع منا
فرصة التعرف عليهم
في رأيي الشخصي أن الإختلاط بالناس ينمي ملكة معرفتهم و ينمي
فينا دربة تبيانهم و تمحيصهم و لا أفرط في معرفة أي
شخص أيا كان حتى أعرفه ثم من بعد ذلك
لكل مقام مقال ، لذلك سائقك هذا قد أضاع على نفسه فرصة
معرفة هؤلاء الفتيات و قبلها معرفة سحر التي ننتظر
بشغف مآل نهايتها
لا أتفق مع بطلك بشان هذيانه عن الفلسفه لكن هذا شانه فقد غلق
دائرة معرفته التي كان يمكن لها أن تتوسع و تعامل
مع ما لا يعرف بعدوانيه غير مبرره و لأسباب غير مقنعه
لكن هذا حقه في التعبير و ليس علي إحترام
رأيه بل يجب علي تحقير هذا الرأي ما دام قد طرحه
الرحله معك ممتعه لأنك ماهر في الإمساك بخيوط حدثك
و تفرض زمانك بحسبان تقتيرك هههه إن صح هذا القول في تبيان
سياقتك لنا بلا هواده بإنتظار إكتمال تفاصيلك
و تفاصيل هذا الحب الذي يمضي مسرعا على مقعد حافله
تسير كما تسير أنت بنا
قد حجزت مقعدي في حافلتك فلا تطلبني بالدفع
أو النزول
ولك وافر الإحترام و التقدير على الإبداع

» هم يختزلون الحب في يوم فالنتين Valentine Day..ونحن لدينا الحب كل يوم
» حب الحب
» الرومانسية و الحب
» **نظريات حول الحب
» **الحب الحقيقي